عندما يترجَّل كبار الرجال، ويرحل اصحاب المواقف والتاريخ الرياضي المشرف والسيرة النظيفة الناصعة ليس أمامك سوى ان تنحني امام اعمالهم وتاريخهم وعطائهم، أول من أمس ودعنا الرياضي المخضرم جاسم السبتي رحمه الله الذي أخلص لبلده صادقاً في عمله وأقواله، ولنودع رجلاً شجاعاً لم يتردد في أي لحظة ان يقول الحق لمن يحاول ان يطمسه.
لقد زرت أبوحمود في المستشفى قبل شهر رمضان المبارك بأيّام عدة، ورغم شدة الألم الذي كان يعانيه وسيطرة المرض على صحته وقوته وذبول ونحول جسده القوي الذي أعرفه فيه فإنه كان يحاول أن يُبين لي أنه مازال صلباً وقوياً.
تحدثت معه قليلاً وقال لي: إنه يشعر بألم في ساقه اليسرى وتكلمت مع أحد الممرضين عن هذا الشيء وقال لي إنه طلب ابنه وسيأتي لكي يتكلم معه عن هذا الموضوع واستأذنته بأخذ صورة معه وودعته على أن أعاود الزيارة مرةً أخرى، وفعلاً ذهبت اليه لكنني تفاجأت انه نقل الى مستشفى اخر لتكملة علاجه، وعندما قررت الذهاب إليه لزيارته في المستشفى عرفت أنه جرى نقله إلى منزله.
وأخذتني مشاغل الحياة إلى أن جاءني خبر وفاته وأنا خارج البلاد ولَم يتسنَ لي أن أحضر تشييع جنازته، ولا يفوتني الا ان أتقدم بخالص العزاء إلى أسرة السبتي الكرام وأسرة النادي العربي بجميع أعضائه وجماهيره وأعضاء الجمعية العمومية وأصدقاء المرحوم المقربين له.
لقد فقدنا الأخ والصديق وفراقه لنا لن يكون سهلاً او هيناً على الجميع.
لقد كان المرحوم جاسم السبتي أحد أعمدة الرياضة الكويتية ومن ابرز رجالات النادي العربي لما يملكه من خبرة في عالم التدريب خاصة كرة القدم وبطرقها المتنوعة والمختلفة.
لقد أشرف جاسم السبتي على تدريبنا خلال تواجد المدرب بروشيتش في قيادة تدريب المنتخب الكويتي منذ عام 1971 لغاية ما بعد دورة الخليج الثالثة عام 1974 وتعلمت منه الكثير من النواحي الفنية لكي أصل إلى أفضل المستويات خلال مسيرتي مع نادي الكويت والمنتخب الوطني وتعلمت منه العطاء والمثابرة والتعامل الصادق مع زملائي، ومع من أشرفوا علينا كإداريين في تلك الفترة في المنتخب وبلا شك أن المرحوم كان يتميز بخصال حميدة والخلق الراقي الرائع الجميل الذي نادراً ما نفتقده حالياً في الوسط الرياضي.
واحقاقاً للحق، مثل هذه القامات والهامات الرياضية لن تتكرر بصفاتها وتاريخها وبخبراتها الكبيرة، ويجب علينا ان نكتب ونتحدث عن الفقيد جاسم السبتي -رحمه الله- لكي نوصل رسالة إلى الوسط الرياضي والرياضيين إذا رحل أمثال هؤلاء الكبار فتاريخهم سيبقى وسنتذكرهم دائماً وسيظلون نبراساً ينير لنا الطريق كلما انطفأت أنواره.
نقولها من القلب: نم قرير العين يا صاحب القلب الطيب الكبير والأخ الحبيب جاسم السبتي، وسيظل اسمك خالداً محفوراً في قلوبنا وراسخاً في عقولنا.. ومثواك الجنة إن شاء الله، وألف رحمة عليك أخي الغالي بومحمد جاسم السبتي.. وإنَّ لله ما أعطى وله ما أخذ…
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
سعد الحوطي